قرأت في مقال سابق عن نزول الله تعالى وأنا أذكر طريقة أهل السنة والجماعة في نصوص الوحي الخاصة بالصفات فهم يقفون موقفين:
أولهما : تفويض الكيف والمعنى فيسكتون عن هذه النصوص مع اعتقاد أن لها معنىً لا ئق بالله تعالى ويقولون الله أعلم بمراده وينزهون الله تعالى عن مشابهة المخلوقين
ثانيهما: تأويل تلك النصوص حسب قانون السلف وهو أن يكون المعنى لا ئقاً بالله تعالى سائغاً في لغة العرب..
ومن أمثلة التأويل عن السلف ما جاء في النزول فيما يلي مع أن اعتقاد الانتقال على الله تعالى من مكان لمكان لا يجوز لأن الله تعالى لايحويه مكان :
وقد جاء تأويل النزول من الشارع الحكيم بنزول ملك ينادي كما في حديث : أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما قالا : قال رسول الله : إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر منادياً فيقول : "هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له هل من سائل يُعطى" . صححه أبو محمد عبد الحق ـ يعني الإشبيلي المتوفي (581هـ) ـ ولعله في كتابه "الأحكام الكبرى" وهو يرفع الإشكال ويوضح كل احتمال وأن الأول ـ يعني حديث النـزول ـ من باب حذف المضاف أي ينـزل ملك ربنا فيقول، وقد روي (يُنْـزل) بضم الياء وهو يبين ما ذكرنا أ.هـ.
وبنحو حديث المناداة السابق خرج الطبراني في "معجمه الكبير" في (9/51) وفيه : تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي منادٍ هل من داع فيستجاب له ... الحديث ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/153) : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح كذا قال .
أو تأويله بنزول الرحمة أو الأمر حيث جاء في سير أعلام النبلاء (8/105) للذهبي قوله : "قال ابن عدي حدثنا محمد بن هارون بن حسان قال حدثنا صالح بن أيوب قال حدثنا حبيب بن أبي حبيب قال حدثني مالك قال ينـزل ربنا تبارك وتعالى أمره فأما هو فدائم لا يزول، قال صالح ـ يعني ابن أيوب ـ فذكرت ذلك ليحيى بن أيوب فقال حسن والله ولم أسمعه من مالك ا.هـ.
وقد تستغرب من نسبة ذلك للملك مع أنه أضافه لنفسه فيقال: لو ذهب مجموعة للملك وطلبوا منه إنشاء مستشفى في بيشة فسيقول : أنا سبق وأنشأت لكم ..وهو في الحقيقة ليس المنشيء المباشر للعمل بل بأمره فكذلك يضاف النزول لله تعالى تشريفاً لا أنه ينزل بل الذي ينزل رحمته وملائكته
والله الهادي